تعليق على الآية وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ... والآيتين التاليتين لها وما فيها من صور وتلقين
عبارة الآيات واضحة. وفيها تذكير بما كان من أمر بني إسرائيل والنصارى.
وبما أخذه الله عليهم من ميثاق بالثبات على طريق الحقّ والقيام بالواجبات المفروضة عليهم وتصديق الرسل الذين يأتونهم بالهدى من قبل الله وتأييدهم. وبما كان من نقضهم لهذا الميثاق وانحرافهم عن جادة الحق والواجب. وما كان من تحريف اليهود لكلام الله. وما كان من نتيجة لذلك من استحقاقهم للعنته وتقسية قلوبهم.
وما كان من نزاع وعداء وبغضاء بين النصارى واستمرار ذلك إلى يوم القيامة حيث ينبئهم الله ويفصل بينهم فيما كانوا يصنعونه. والمتبادر أن جملة فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ أسلوبية وأن الأولى أن تحمل على أن القصد منها هو تقرير كون ما قام بين النصارى من نزاع وبغضاء وعداء هو بسبب ما كان من إهمالهم ما أمروا به وانحرافهم عن طريق الحق. وروح العبارة وفحواها يدعمان ذلك.
وفي الآية الثانية جملة اعتراضية فيها خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه ما يزال يطلع على خيانة من اليهود بسبيل توكيد استمرارهم فيما ارتكسوا فيه من انحرافات ونقض ميثاق باستثناء القليل منهم الذين يجب على النبي صلى الله عليه وسلم العفو والتسامح معهم لأن الله يحبّ المحسنين.
ولم نطلع على مناسبة خاصة لنزول الآيات وورودها في الترتيب بعد السلسلة التشريعية يمكن أن يسوغ القول أنه قصد بها تذكير المسلمين بما كان من أمر أهل الكتاب وانحرافهم ونقضهم مواثيق الله وبما كان من نكال الله لهم باللعنة والبغضاء والعداوة وتقسية القلوب على سبيل العظة والدعوة إلى الاعتبار والتوكيد على الاستقامة على أوامر الله والتزام حدوده. وفي الآية السابعة من السورة تذكير