فردداها حتى حفظاها ورجعا فأخبرا أكثم وتلوا عليه الآية. فقال: إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها. فكونوا في هذا الأمر رؤوسا ولا تكونوا فيه أذنابا.
ووَ الْإِحْسانِ بخاصة يمكن أن يدخل في أي مجال ويبدو في أي عمل.
فعبادة الله تعالى على أوفى ما يكون من هدوء وطمأنينة واستغراق. والتصدق بأكثر ما يمكن ويجب. والتعفف عن استيفاء المباحات من اللذائذ والشهوات، والتجمل بالصبر عند الشدائد. والعناية بتطييب نفس الفقير والمحتاج عند مساعدتهما.
والتعالي عن مقابلة السباب والمهاترات والخصومة الشديدة. والتسامح في معاملة الناس والصبر عليهم والإغضاء عن تقصيرهم وعدم الإلحاح في مقاضاة ما يكون عليهم من حقوق وإتقان العامل عمله تلقائيا واهتمام المرء الشديد للقيام بواجبه وحفظ مواعيده ووعوده وعهوده وبعده عن مواقف التهم إلخ إلخ ... ما يمكن أن يكون من آثار ومظاهر هذا الأمر الرباني العظيم. وهناك حديث ذو دلالة عظمى في هذا الباب رواه الخمسة عن شداد بن أوس قال:«شيئان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ الله كتب الإحسان على كلّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبح وليحدّ أحدكم شفرته فليرح ذبيحته»«١» .
هذا، ولم يترك مفسرو الشيعة ورواتهم هذه الآية حيث روى الطبرسي عن أبي جعفر أن المراد بذي القربى فيها قرابة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله (هم نحن) . وقد فندنا صرف هذه الكلمة في الآيات المكية بخاصة إلى أقارب النبي صلى الله عليه وسلم في سياق تفسير سورة الإسراء فلا نرى ضرورة للإعادة.