في القرآن من ذلك ولو لم تدركه أو تدرك حكمة ذكره العقول العادية.
ولعل من ذلك ما هو متصل بعقيدة المشركين في الملائكة من أنهم بنات الله وشفعاؤهم عنده وإشراكهم مع الله في العبادة والاتجاه. فهؤلاء الذين يشركونهم معه ويرجون شفاعتهم عنده ويعتقدون بتأثيرهم ليسوا إلّا خدما لله وعبيدا ومنفذين لأوامره وحسب، وأنهم أشدّاء غلاظ على الكفّار والمشركين بهم. والله أعلم.
. في الآيتين الأولى والثالثة تنبيه على ما سوف يكون من أمر الكفار يوم القيامة حينما يرجعون إلى الله ويقفون بين يديه:
فلسوف يأخذ المرء العجب حينما يرى المجرمين الذين كفروا بالله ولقائه مطأطئي الرؤوس خجلا وخزيا مستشعرين بالندم والحسرة يعلنون يقينهم بالله وصدق وعده وبأنهم قد سمعوا وأبصروا واتعظوا ويطلبون من الله إرجاعهم إلى الدنيا ليعملوا صالحا ويتلافوا ما فرط منهم. غير أن ندمهم هذا لن يجديهم نفعا.
وسيقال لهم إنكم أعطيتم الفرصة فأضعتموها وتجاهلتم وغفلتم عن هذا اليوم فوقعتم في سوء العاقبة. فذوقوا عذاب الخلد الدائم بما نسيتم وتجاهلتم وبما كنتم تقترفون من الآثام وتنحرفون عن طريق الحقّ والهدى فقد استحققتم أن ينساكم الله كما نسيتموه وأن تصيروا إلى المصير الوبيل الذي صرتم إليه.
أما الآية الثانية فالمتبادر أنها بمثابة استدراك أو تعليق على قول الكفار المفروض المحكي في الآية الأولى، فالله قادر على جعل كل الناس يسيرون في طريق الهدى والحق دون أن يشذّ منهم شاذّ. ولكن حكمته اقتضت وقضاؤه سبق أن يكون لجهنّم ملؤها من الجنّ والإنس معا.