إلى النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التطمين والتثبيت والتسلية مما جرى عليه التنزيل القرآني في كثير من مناسبات وحكاية مواقف وأقوال الكفار التي كانت تثير في النبي صلى الله عليه وسلم الألم والحسرة.
وفي الآية الأولى دلالة على أن سامعي القرآن الأولين وهم أهل مكة كانوا يعرفون بلاد الأمم السابقة وما حل فيها من تدمير رباني. وبذلك يأتي الإنذار مستحكما ولقد تكرر هذا في آيات سابقة وآتية. ومن السابقة الآية [٤] من سورة الفرقان هذه وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها ... وقد شرحنا هذا وافيا في سياق تعليقنا على القصص القرآنية في سورة القلم.
[تعليق على مدى وتلقين الآية التي تأمر بذكر الله وتسبيحه في مختلف والأوقات]
والآية الأخيرة وإن كان الخطاب فيها قد وجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التطمين والتثبيت بسبب ما يصدر من الكفار فإن فيها تلقينا جليلا لجميع المسلمين الذين من واجبهم أن يجعلوا النبي صلى الله عليه وسلم قدوة وإماما حيث تقرر ما يمكن أن تبثه عبادة الله تعالى وذكره وتسبيحه والاتجاه إليه والتفكير في آلائه وآياته وبخاصة عند اشتداد أزمات النفس وآلامها من طمأنينة نفس وهدوء قلب وراحة ضمير وقوة على تحمل المشاق والمصاعب المادية والمعنوية والاستهانة بها. وهذه حالة روحية يدركها كل من استغرق هذا الاستغراق فشع نور الله في قلبه، ومعالجة نفسية قرآنية مضمونة النتيجة. وأي امرئ حزبته مشاكل الدنيا وآلامها فلجأ إلى الله وذكر عظمة ملكوته وسلطانه واستغرق في آياته وآلائه وقدرته، وجبروته لن يلبث أن تهون عليه هذه المشاكل والآلام مهما جلّت، بل وأن تهون في نظره الدنيا وما فيها والإنسان وجبروته وسخافاته وأن يشعر بطمأنينة النفس وقوة القلب والقدرة على التحمل والتجمّل بالصبر.
ولقد تكرر مثل الأمر الوارد في الآية للنبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من سورة لمثل