للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضاءه في المختلفين فيه الذين هم في شك منه مريب، وتوكيد بأن الله لا بدّ موف كل عامل جزاء عمله من خير وشر، وهو الخبير بما يعمل الناس.

تعليق على الآية وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ والآية التالية لها

لقد أدار فريق من المفسرين القدماء «١» الكلام على الآيتين على اعتبار أن فيهما تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وإنذارا للكفار. فإذا كان الكفار قد كذّبوا بالقرآن فقد فعل أقوام قبلهم ذلك بالنسبة لكتاب الله تعالى الذي آتاه موسى عليه السلام. ولسوف يجزيهم الله بما يستحقون من حيث إنه لا بد من أن يجزي كل طائفة بما تستحق.

ونتيجة لذلك صرفوا الضمير في (إنهم) إلى الكفار والضمير في (منه) إلى القرآن.

وخالفهم فريق آخر فقال إن الجملة عائدة إلى الكتابيين الذين اختلفوا في كتاب موسى عليه السلام. واستدل على ذلك بآية سورة الشورى وهي: وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١٤) وقد يكون هذا هو الأوجه. ولا سيما إن هناك آيات كثيرة مدنية ومكية غير آية سورة الشورى ذكرت اختلاف أهل الكتاب واليهود خاصة في ما نزل على أنبيائهم، ومن ذلك ما مرّ في السور التي سبق تفسيرها لولا أن يكون هذا يجعل الآيتين منقطعتين عن السياق السابق واللاحق لهما. وقد يتبادر لنا من فحوى الآيتين وروحهما ومقامهما احتمال آخر يجعلهما جزءا من السياق غير شاذين ومنقطعتين عنها وهو ما لا يستساغ.

وهذا الاحتمال هو أن يكون الكفار قد تحدثوا عن كتاب موسى عليه السلام واختلاف بني إسرائيل فيه كأنما أرادوا أن يقولوا إن اتخاذهم الملائكة شفعاء لدى الله- وهو ما تضمنته الآيات السابقة وردته- هو اجتهاد وليس من شأنه أن ينفي


(١) انظر تفسير الآيات في الطبري وابن كثير والطبرسي والقاسمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>