يكون اسمه قد أقحم لأهواء سياسية ويجعلنا نشك أولا في رواية مدنية الآية وثانيا في الروايات المروية كسبب لنزولها. لأن هذا وذاك يقتضيان أن تكون نزلت منفردة بل ومجزّأة أي إن شطرا منها نزل في مناسبة وشطرا في مناسبة أخرى وأن تكون أقحمت على السياق إقحاما مع أنها منسجمة انسجاما تاما في السياق والموضوع وشطرها الأول متصل بشطرها الثاني. وفحوى الآية التالية لها والتي تعطف عليها وتنذر الظالمين وتحكي ما كان منهم من استكبار عن آيات الله وافتراء عليه يلهم بكل قوة أنها في صدد مشركي العرب موضوع الكلام في الآيات السابقة.
وقد رأينا الطبري يتحفظ بعض التحفظ في كون الآية نزلت للأسباب المذكورة في الروايات.
وقد يكون حادث ارتداد عبد الله بن سرح ولحوقه بمكة صحيحا «١» ولكن التوقف هو أن تكون الآية نزلت فيه.
والذي يتبادر لنا بقوة أن الآية الأولى بخاصة تضمنت ردا على الكفار الذين حكت الآية [٩٠] إنكارهم لإنزال الله شيئا على بشر حيث قررت ضمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أنه ليس من أحد أشد ظلما ممن ينسب إلى الله ما ليس منه ويدعي بأنه موحى إليه ولم يوح إليه. ثم تبعتها الآيات التالية لها منددة منذرة. وبذلك يتصل السياق. والردّ قوي موجه إلى العقول والقلوب السليمة وقد تكرر في كل مرة حكى القرآن فيها زعم الكفار بافتراء النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن بنفس القوة والنفوذ ومن ذلك آية سورة الأحقاف هذه: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٨)[٨] ومن هذا الباب آية سورة الشورى [٢٤] وآية سورة يونس [١٧] .