للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدى ما كان في الشريعة الموسوية من شدّة عبّر عنها بالإصر والأغلال وما رفعته الشريعة الإسلامية من ذلك. ولقد عبّر عن هذا في حديث نبوي جاء فيه: «بعثت بالحنيفية السمحة» «١» بالإضافة إلى أحاديث نبوية أخرى في صدد التبشير والتيسير وعدم التنفير والتزمّت أوردناها في تعليقنا على جملة لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها في هذه السورة.

وإذا نحن قلنا الشريعة الموسوية فإن هذا ينسحب على النصارى الذين انطوى ذكرهم في الآية أيضا من حيث إن المسيح عليه السلام جاء مصدقا لما بين يديه من التوراة كما حكته آيات قرآنية عديدة وحكي عنه في الأناجيل قوله: (ما جئت لأنقض الناموس) بقطع النظر عن تقيدهم وعدم تقيدهم بها وعن ما يمكن أن يكون السيد المسيح خففه من تلك التشريعات والأحكام.

ولم نر ضرورة إلى إيراد أمثلة من التكاليف الشاقة التعبدية وغير التعبدية الواردة في أسفار العهد القديم لأنها كثيرة ويسهل مراجعتها في هذه الأسفار.

[تعليق على كلمتي التوراة والإنجيل وتمحيص في صدد ما كان متداولا وما هو متداول اليوم في أيدي اليهود والنصارى من أسفار]

وبمناسبة ورود كلمتي التوراة والإنجيل في السلسلة نقول بالنسبة للتوراة:

إن الكلمة عبرانية بمعنى التعليم والشريعة. وهي معرّبة على صيغة عربية فصحى «٢» . والمتبادر أن التعريب سابق للقرآن وأن اللفظ القرآني


(١) انظر تفسير الآية في تفسير رشيد رضا. وننبّه على أننا لم نطّلع على هذه الصيغة في ما في أيدينا من مصادر. وقد قرأنا في التاج حديثا رواه البخاري جاء فيه: «أحبّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة» ج ١ ص ٢٨.
(٢) بعض المفسرين ومنهم الطبرسي يحاولون جعل التوراة من جذر عربي هو (وري) من ورى الزند بمعنى إظهار ناره لأن التوراة أظهرت الشريعة. وقد قال الزمخشري إن إرجاعها إلى جذر عربي تكلّف وإنها أعجمية وهو الصواب مع القول إنها معرّبة في صيغة عربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>