للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دلالة تعبير حنفاء لله في هذا المقام]

وورود تعبير حُنَفاءَ لِلَّهِ في هذه المناسبة قرينة قد تكون حاسمة على أن تعبيري حَنِيفاً وحُنَفاءَ ليسا كما وهم المستشرقون بمعنى نحلة معينة خاصة قبل البعثة على ما ذكرناه في سياق تفسير سورة يونس، وإنما هما تعبيران لغويان بمعنى الميل عن الشرك والوثنية إلى الله. لأن حُنَفاءَ هنا أطلقت على المسلمين أو حثتهم على التمسك بكل مظاهر التوحيد وعدم الانحراف عنها إلى أي مظهر من مظاهر الشرك.

[سورة الحج (٢٢) : الآيات ٣٢ الى ٣٣]

ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢) لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٣٣)

. (١) محلّها: المكان الذي يحلّ فيه نحرها وهو الكعبة التي عبر عنها بتعبير الْبَيْتِ الْعَتِيقِ.

قال المفسرون «١» في صدد كلمة شَعائِرَ استنادا إلى الروايات واستلهاما من القرينة التي احتوتها الآية الثانية: إن العرب كانوا يجرحون بهيمة الأنعام التي يسوقونها هديا إلى الحجّ لتكون قربانا جرحا خفيفا، فيسيل دمها ويكون ذلك علامة على أنها قد خصصت قربانا فيتحاشاها الناس. وإنهم كانوا يسمّون هذه العملية (إشعارا) و (شعيرة) ويسمّون الأنعام المعلّمة بهذه العلامة (شعائر) . ورووا عن أصحاب رسول الله وتابعيهم في تأويل وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ أن تعظيمها هو استسمانها واختيار الصالح السليم دون الهزيل والمشوّه «٢» . ورووا في هذا المعنى أحاديث عديدة، ففي تفسير ابن كثير رواية


(١) انظر تفسير البغوي والخازن وابن كثير.
(٢) انظر الطبري وابن كثير والبغوي وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>