هذا بيان يفهمه ويدرك قيمته الذين يعلمون ويدركون الأمور. أما إذا نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم الذي قطعوه على أنفسهم للمسلمين وطعنوا في دينهم فعليهم أن يقاتلوا أئمة الكفر الذين لا يقيمون وزنا لأيمانهم، لعلّ هذا القتال يضطرهم إلى الانتهاء عن موقفهم الباغي.
تعليق على الآية كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ... والآيات الخمس التالية لها وما روي في صددها من روايات وما انطوى فيها من أحكام وتلقين ودلالات.
ولم يرو المفسرون فيما اطلعنا عليه رواية خاصة في مناسبة نزول هذه الآيات أو بعضها. وإنما رووا روايات عن المقصود منها «١» . فمن ذلك أن المقصود من الاستثناء الوارد في الآية الأولى منها أي الآية [٧] هم بنو خزيمة أو بنو مدلج أو بنو الديل من بني بكر بن كنانة الذين دخلوا في صلح الحديبية مع قريش ولكنهم لم ينقضوا حينما نقض بطون أخرى من بني بكر وظاهرتهم قريش فكان ذلك سببا لحملة الفتح المكي. ومنها أن المقصود منه هم قريش الذين عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية. وبخاصة زعماءهم الذين يصحّ عليهم وصف أئمة الكفر مثل أبي سفيان وأبي جهل وأمية بن خلف وعتبة بن شيبة وسهيل بن عمرو. وذكر هذه الأسماء عجيب. لأن منهم من كان قتل يوم بدر مثل أبي جهل وأمية وعتبة. ومنها أن المقصود منه قوم في جوار منطقة المسجد الحرام كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد على أن لا يدخلوا هذه المنطقة ولا يعطوا للمسلمين جزية. ومن ذلك أن المقصود في الفقرة الأولى من الآية الأولى ثم في الآيات الأخرى هم المقصودون في آيات السورة الأولى أي المعاهدون الناقضون لعهدهم.
(١) أكثر المفسرين استيعابا لهذه الروايات هو الطبري.