الحق والهدى إنما يصدرون عن سوء نية وخبث طوية فيؤذن الله بأنه لن يسعدهم ولن يهديهم ولن يوفقهم وأنهم حقّت عليهم الضلالة وباؤوا بخزي الله ونقمته وسخطه. وإن الذين ينضوون إلى الحق والهدى ويصدقونهما إنما يصدرون عن حسن نية وطيب طوية ورغبة في الإيمان والهدى والحق. فيؤذن الله بأنه كتب لهم السعادة والنجاة واستحقوا رحمته ورضوانه مما تكرر بيانه في مناسبات سابقة. والله أعلم.
ولقد أورد البغوي وابن كثير في سياق هذه الآية حديثا عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به»«١» . والحديث متساوق مع الاستنباط وموضح للمثل القرآني كما هو المتبادر.