هذه الآيات جاء فيه:«إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم يصبح العباد فيه إلّا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا» .
وحديثا ثانيا عن أبي هريرة قال:«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك» وأورد ابن كثير حديثا أخرجه ابن أبي حاتم عن حذيفة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن بعد زمانكم هذا زمان عضوض يعض الموسر على ما في يده حذر الإنفاق ثم تلا هذه الآية: وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (٣٩) . حيث ينطوي في هذه الأحاديث صور من التطبيق والاستلهام النبوي للتقريرات القرآنية وحث للمسلمين على الإنفاق والإيمان بوعد الله تعالى بالإخلاف على المنفقين.
ولقد مرت آيات كثيرة في الحث على إطعام المساكين، وفي السور الآتية وبخاصة المدنية آيات كثيرة في الحث على الإنفاق في سبيل الله والتصدق على الفقراء والمساكين ومنها ما جاء ذلك في سياق التشريعات المالية في الدولة الإسلامية. وهناك أحاديث كثيرة أخرى في ذلك حيث يبدو أن هذا الأمر قد شغل حيزا كبيرا في الدعوة الإسلامية لما له من خطورة بعيدة المدى في حياة المجتمع الإسلامي الذي وضع القرآن والحديث له أقوى الأسس ليكون المجتمع الفاضل المتعاون المتكافل الذي يجد فيه المحتاج والفقير ما يسد فيه عوزه وحاجته ويتيح له الحياة الكريمة. وأكثر الآيات والأحاديث بل جلها قد نزلت وصدرت في العهد المدني لأن هذا العهد قد فتح المجال لقيام المجتمع الإسلامي في ظل الدولة الإسلامية تحت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد رأينا أن نؤجل إيراد الأحاديث الأخرى واستيفاء التعليق على هذا الأمر إلى مناسبات الآيات المدينة والاكتفاء هنا بما تقدم.