تعليق على الآية وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ ... إلخ والآية التالية لها وشرح وقعة بني قريظة
عبارة الآيتين مفهومة. وقد احتوت إشارة إلى مشهد جهادي ضد فريق من أهل الكتاب. وتجمع روايات التفسير والسيرة على أنهم يهود بني قريظة في المدينة.
ومما ذكرته هذه الروايات أن جبريل أتى النبي فور انصراف الأحزاب وبلّغه وجوب الزحف حالا على بني قريظة فأرسل مناديا ينادي «من كان سامعا مطيعا فلا يصلين إلّا ببني قريظة» حيث ينطوي في هذا شدة أثر ما أظهره بنو قريظة من غدر وعداء في الموقف العصيب الذي نجم من زحف أحزاب المشركين من كل صوب.
وعبارة ظاهَرُوهُمْ تلهم أنه بدا منهم أثناء حصار الأحزاب للمدينة أعمال ضارة بالمسلمين مظاهرة للأحزاب مما أثار في نفوس النبي وأصحابه الغيظ والسخط فوق ما أثاره إنكارهم لعهد رسول الله وإعلانهم العداء للمسلمين أمام زعيمي الأوس والخزرج على ما ذكرناه في سياق الآيات السابقة.
وملخص ما جاء في الروايات عن هذه الوقعة «١» أن النبي صلى الله عليه وسلم حاصرهم مع المسلمين خمسا وعشرين ليلة ولم يقبل منهم إلّا الاستسلام بدون قيد وشرط. فلم
(١) انظر كتب تفسير الطبري والطبرسي والبغوي والخازن وابن كثير ثم ابن هشام ج ٣ ص ٢٥٢- ٢٧١، وابن سعد ج ٣ ص ١١٧- ١٢١. وبعض ما جاء في هذه الخلاصة ورد في أحاديث صحيحة عديدة أيضا. انظر التاج ج ٤ ص ٣٧٦ و ٣٧٧.