للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنبي صلى الله عليه وسلم بدعاء الله لكشف البلاء عن الناس في سياق سورة الدخان، فلعل شيئا من هذا قد حدث في ظروف نزول هذه السورة.

ولعل الشقّ الثاني من الآيات يتضمن تنديدا بالمشركين الذين ينكرون البعث وبرهانا على قدرة الله عليه، وتنويها بالمؤمنين الذين قد استجابوا لدعوة الله وأسلموا أنفسهم إليه في كل الحالات، وتطمينا للنبي صلى الله عليه وسلم: فكما أنه إذا تأخر المطر أو هبّت الريح بدون مطر لا يدل على عدم قدرة الله وإنما يكون مرده إلى حكمة الله ونواميسه في كونه فإنه إذا تأخر وعد الله بالبعث فلا ينبغي أن يكون دليلا على عدم قدرة الله عليه أيضا وإنما يكون مردّه إلى حكمته. فالمشركون هم بمثابة الموتى والعمي والصمّ لا يدركون ذلك فيجادلون ويكابرون ويضجون ويصخبون. وما على النبي من موقفهم هذا من شيء لأنه غير مكلف بفعل المستحيل. وقصارى ما عليه أن يسمع الراغبين في الهدى والحق والإيمان الذين يكونون على استعداد لإسلام أنفسهم لله تعالى. وجهوده لم تذهب عبثا لأن مثل هذه الطبقة قد قامت فعلا.

تعليق على ما روي من سماع الموتى لخطاب الأحياء وتعارض ذلك مع جملة فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى

ولقد وقف المفسر ابن كثير عند جملة فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وأخذ يورد أحاديث عديدة بعضها وارد في كتب الأحاديث الصحيحة تذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

إن الموتى يسمعون. منها حديث رواه البخاري وأحمد عن أبي طلحة جاء فيه: «إنّ نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طويّ «١» من أطواء بدر خبيث مخبث. وكان إذا ظهر قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال. فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشدّ عليها رحلها ثم مشى وتبعه أصحابه وقالوا ما ينطلق إلّا لبعض حاجته حتى قام على شقة الركيّ «٢» فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أيسرّكم أنكم أطعتم الله ورسوله


(١) الطوي والركي بمعنى واحد وهو البئر أو القليب أو الحفرة العميقة.
(٢) الطوي والركي بمعنى واحد وهو البئر أو القليب أو الحفرة العميقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>