في الآيات خطاب موجّه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد تضمنت تقريرا:
(١) بأن الله قد أوحى إليه كما أوحى إلى نوح والنبيين من بعده ممن قصّ ذكرهم عليه في القرآن ومن لم يقص.
(٢) وبأن الله إنما يرسل رسله مبشرين ومنذرين للناس ليبينوا لهم طرق الحق والهدى ويحذروهم من الضلال والغواية حتى لا يكون لهم عليه حجة يحتجون بها عما يكون قد وقع منهم من انحراف وضلال.
(٣) وبأن الله يشهد والملائكة يشهدون معه أن ما أنزل على النبي إنما أنزل من عنده وبعلمه وشهادة الله هي أقوى الشهادات وكفى به شهيدا.
تعليق على الآية إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ... إلخ والآيات الثلاث التي بعدها
روى الطبري عن أهل التأويل ابن عباس وغيره روايات عديدة في نزول الآيات منها أنه لما نزلت الآيات السابقة التي فضحتهم قالوا ما أنزل الله بعد موسى على بشر من شيء. فأنزل الله الآيات لتكذيبهم. ومنها أن النبي لمّا تلا الآيات السابقة عليهم اغتاظوا وجحدوا كل الرسالات والكتب فأنزلها الله لتكذيبهم ومنها أن النبي قال لهم إنكم لتعلمون أني رسول الله فأنكروا. ومنها رواية خلطت بين هذه الآية وبين آية الأنعام وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [٩١] .
والروايات لم ترد في الصحاح. ويتبادر لنا أنها وحدة تامة منسجمة ومتصلة هي الأخرى بالآيات السابقة اتصال تدعيم وتطمين إزاء مواقف اليهود حيث انطوى فيها تقرير بطلان موقفهم من النبي. وكون طلبهم إنزال كتاب من السماء تعجيزا لا موجب له. وذلك أن الله قد أوحى إلى النبي كما أوحى إلى غيره من الأنبياء فلم