وفي هذه الآية إشارة تنبيهية أو تذكيرية بقصة ثانية وهي قصة شخص مرّ على مدينة مدمرة خاوية فتساءل تساؤل المستبعد اليائس كيف يمكن أن يحيي الله هذه المدينة؟ فأماته الله مئة عام ثم أحياه وسأله كم لبثت؟ فقال: يوما أو بعض يوم ظنا منه أنه كان نائما فقال الله تعالى له: بل مئة عام كاملة. وإنك لترى طعامك وشرابك لم يتغيرا طيلة هذه المدة في حين أن حمارك قد مات ولم يبق منه إلا عظام نخرة. وها أنا آمر فتجتمع عظامه ثم تكتسي لحما ثم تدب فيها الروح فيكون ذلك آية لك وللناس على قدرة الله على ما تستبعده وتتساءل عنه، وحينئذ اقتنع الرجل بقدرة الله على كل شيء وأعلن اعترافه بها.
وروح الآية وفحواها يلهمان أن الرجل كان مؤمنا وأهلا لوحي الله وخطابه، وأنه قال ما قال في حالة نفسية بائسة.
ويروي المفسرون عن علماء الأخبار أن القصة من قصص بني إسرائيل وقد رووا عنهم تفصيلات مسهبة لها فيها شيء مما ورد في بعض أسفار العهد القديم المتداولة اليوم مع شيء غير وارد فيها. وفي هذا وذاك إغراب وخيال وخلاصة ذلك أن الذي مرّ بالقرية هو أحد أنبياء بني إسرائيل مع اختلاف في اسمه بين العزير وأرميا بن حلقيا الذي قال بعضهم إنه الخضر. مع التركيز على رجحان كونه أرميا وكون القرية هي بيت المقدس. وأن قوله كان بعد تدمير بختنصر ملك بابل لهذه المدينة وسبيه أهلها حيث وقف على أطلالها باكيا نادبا يائسا من عمرانها ثانية.
فأماته الله مائة عام مع حفظ جسده من البلى وكان حماره هلك بعده وكان معه زوادة من تين وعنب وماء ثم بعثه الله من موته وأنشر عظام حماره وبعث فيه الروح وهو يعاين ذلك ليثبت له أنه مات مائة عام حيث ظن أنه نام طول النهار فقط وأيد ظنه عدم تغير زوادته وليثبت له كذلك أن الله قادر على إحياء المدينة كما أحيا