ونحن نرجح هذا لأن القسم بالقرآن أعقب حرف ق وهذا الأسلوب قد تكرر كثيرا في هذه السور بل هو الأغلب.
أما جواب القسم فإما أنه محذوف وتقديره إن الكفار كاذبون أو إن ما يتلى من القرآن صدق لا ريب فيه أو إن بعثكم أكيد وإما في الآية الرابعة.
وفي الآيات حكاية لما ثار في الكافرين من عجب ودهشة حينما جاءهم النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو منهم ومثلهم يدعوهم إلى الله وينذرهم بالآخرة. ويبدو من مضمون الآيات وروحها أن عجب الكافرين ودهشتهم كانا منصبين في الدرجة الأولى على البعث الأخروي، حيث حكت الآية الثالثة تساءلهم عما ينذره النبي من هذا البعث وقولهم إنه مستبعد بعد أن يموتوا ويصبحوا ترابا، وفي الآية الرابعة ردّ عليهم بأسلوب تقريري بأن الله محيط بهم وبذرات أجسامهم وقادر على بعثهم، أما الآية الخامسة فهي بسبيل تقرير أنهم في تكذيبهم إنما يكذبون الحق الذي لا ريب فيه حينما جاءهم وأن الأمر قد التبس عليهم واضطرب، شأن من يبهته الحق فيذهله.
[تعليق على ذكر القرآن والقسم به بعد حرف ق]
هذه السورة أولى السور التي أعقبت حروفها المتقطعة المفردة الأولى ذكر القرآن. ثم جرى النظم القرآني على ذلك في معظم السور التي تبتدئ بحرف أو حروف منفردة متقطعة مع ورود كلمة الكتاب بدلا من القرآن في بعضها ومع ورود كلمة القرآن والكتاب معا في بعضها ومع القسم بالقرآن أو الكتاب في بعضها ومع الإشارة إلى القرآن أو الكتاب بدون قسم في بعضها.
والقرآن أو الكتاب الذي هو تعبير آخر له ولو كان لكل من الكلمتين معنى أو دلالة خاصة «١» ظلّ يطلق على ما كان ينزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم من كلام الله عزّ وجلّ إلى
(١) كلمة القرآن تعني كلام الله المقروء. وكلمة الكتاب تعني كلام الله المكتوب حيث كان ما ينزل من القرآن يكتب فيصير كتابا ويقرأ فيكون قرآنا. والله تعالى أعلم.