للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواضح أن الآيات استمرار للسياق في صدد تقريع الكفار وتسفيههم، وقد أرجعنا ضمير الجمع الغائب في أَشْهَدْتُهُمْ إلى إبليس وذريته وأوّلنا الآية الأولى بما أوّلناها به استلهاما من روح الآيات والسياق وهو ما فعله المفسرون أيضا «١» .

ومع أن الطبري أوّل كلمة مَوْبِقاً بمعنى هلاكا ومهلكا، وأن هذا المعنى ورد في آية في سورة الشورى بمعنى الإهلاك أيضا وهي: أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا [٣٤] فقد أورد الطبري في سياقها أقوالا معزوة إلى مجاهد وعبد الله بن عمرو وأنس بن مالك وقتادة أن الموبق هو واد في نار يوم القيامة، أو واد عميق يفرق الله به يوم القيامة بين أهل الهدى وأهل الضلالة، أو واد في جهنم من قيح ودم.

والتوقف في هذه الأقوال هو الأولى ما دامت لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو المصدر الوحيد الوثيق لمثل هذه المشاهد الغيبية الأخروية.

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٥٤ الى ٥٩]

وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً (٥٤) وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (٥٥) وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (٥٧) وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨)

وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (٥٩)

. (١) قبلا: عيانا أمامهم.

(٢) موئلا: ملجأ.


(١) انظر الطبري والبغوي وابن كثير وغيرهم. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>