بهذه الليلة وعظم شأنها وخيرها وشمولها ببركة الله وسلامه، وتنزل الملائكة والروح فيها بأوامره وتبليغاته. والآيات لم تذكر القرآن غير أن جمهور المفسرين على أن ضمير الغائب في «أنزلناه» عائد إليه، وروح الآية تلهم ذلك كما أن آيات سورة الدخان هذه: حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) تؤيد ذلك.
تعليقات على ما روي في صدد نزول السورة ومدى جملة خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وصلتها بدولة بني أمية
ولقد روى المفسرون «١» أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر يوما رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المسلمون فأنزل الله السورة. كما رووا أن النبي صلّى الله عليه وسلّم ذكر يوما أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاما لم يعصوه طرفة عين فعجب المسلمون فأتاه جبريل فقال يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر فقد أنزل الله خيرا من ذلك ثم قرأ عليه السورة.
وهذه الروايات لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة. والذي يتبادر لنا استئناسا من بكور نزول السورة وترتيبها في المصحف بعد سورة العلق أنها نزلت بعد قليل من آيات سورة العلق الخمس الأولى للتنويه بحادث نزول أول وحي قرآني.
ولقد أورد المفسرون حديثا رواه الترمذي عن القاسم بن الفضل الحداني عن يوسف بن سعد قال: «قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال سوّدت وجوه المؤمنين أو يا مسوّد وجوه المؤمنين فقال لا تؤنّبني رحمك الله فإنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أري بني أمية على منبره فساءه ذلك فنزلت إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) الكوثر يا محمد يعني نهرا في الجنّة ونزلت: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ
(١) انظر كتب تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن.