في الآية تقرير رباني بأن الكتابيين يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم وصدق دعوته وصحة وحي الله إليه بالقرآن معرفة يقين كما يعرفون أبناءهم. وبأن الذين لا يؤمنون بذلك هم الذين خسروا أنفسهم وأشقوها بعنادهم ومكابرتهم.
ولقد ذكر المصحف الذي اعتمدناه أن هذه الآية مدينة ولقد روى المفسرون أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لعبد الله بن سلام اليهودي الذي أسلم في المدينة إن الله قد أنزل على نبيه هذه الآية. وسأله كيف هذه المعرفة. فقال له عرفته حين رأيته كما أعرف ابني هذا وإني أشهد أنه رسول الله حقا. ولقد توقفنا في رواية مدنية الآية مع غيرها مما ذكر أنها مدنيات في تعريف السورة لانسجامها مع السياق. وقد تكون رواية مدينة هذه الآية ملتبسة بهذه الرواية. وإنه ليتبادر لنا بقوة أنها متصلة بالسياق وبخاصة بالآية السابقة لها مباشرة اتصال تدعيم. فقد جعلت الآية السابقة لها الله تعالى شهيدا على صدق وحي الله بالقرآن وجاءت هذه الآية لتقرر ذلك بطريق إشهاد أهل الكتاب. ولعل فيها ردا على ما روته الرواية التي أوردناها من قبل، التي ذكرت أن الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إنهم سألوا عنه اليهود والنصارى فأنكروه.
تعليق على جملة الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ
والآية تتضمن تقريرا يقينيا بأن أهل الكتاب يعرفون النبي صلى الله عليه وسلم معرفة يقينية كما يعرفون أبناءهم. وينطوي فيها تقرير كونهم يعرفون صدق دعوته وصحة الوحي القرآني. وكان هذا يتلى علنا، فلا بد من أنه كان مستندا إلى مشاهد ووقائع ثابتة لا تدحض.
ولقد كان ذلك فعلا وهو ما حكته آية سورة الأعراف [١٥٧] وآيات سورة