(٣) فرشا: قيل إنها بمعنى الذبح وقيل إنها بمعنى الأثاث الذي يصنع من أوبار الأنعام وأصوافها وأشعارها.
معاني الآيات واضحة وفيها تنويه بما خلق الله للناس ويسّر منافعه لهم من الأنعام والزروع والأشجار على اختلاف أنواعها، وإهابة بهم إلى التزام حدود الاعتدال وتجنب الإسراف في الانتفاع بها وأداء حقه منها، وعدم اتباع خطوات الشيطان ووساوسه لأنه شديد العداوة لهم.
والمتبادر أن الآيات جاءت معقبة على سابقاتها، وقد انطوى فيها إفحام وإلزام للكفار، فالله سبحانه وحده الذي خلق كل شيء وليس لأي كائن علاقة أو دخل في ذلك. وقد أباح للناس ما خلق أكلا وانتفاعا. وتحريم ما أحلّ إنما هو من وساوس الشيطان المضللة. وواضح أن الإلزام والإفحام في الآيات مستمدان من عقيدة الكفار بالله وكونه هو الخالق البارئ المطلق التصرف في كونه ومخلوقاته، وهو ما قررته آيات عديدة أوردناها في مناسبات سابقة.
تعليق على الآية وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ والآية التالية لها
ومع أن للآيات خصوصية زمنية وجدلية فإنها انطوت على مبدأ من المبادئ القرآنية العامة المستمرة المدى تكرر في مناسبات متعددة وهو إباحة الاستمتاع بكل طيب حلال مما خلقه الله من ماشية وزرع وشجر في حدود الاعتدال وعدم الإسراف. مع أداء حق الفقراء منه وعدم التحليل والتحريم وفقا لتقاليد وعادات واعتبارات لا تستند إلى شرع إلهي ومحاربة كل تقليد وعادة واعتبار من شأنه أن يخل بذلك في تلك الحدود.