يقفه الكفار والمشركون منه في الدرجة الأولى والمباشرة وتظل تعبر عن هذا الهدف.
ومن جهة ثانية إن القول وجيه بالنسبة لكل كافر ومشرك كان وظل في موقف العدوان على الإسلام والمسلمين الذي كان يتمثل في العهد المكي بالطعن بالإسلام وتكذيب النبي صلّى الله عليه وسلّم وقذفه ومناوأته وصد الناس عن دعوته وتأليبهم عليه وأذيته وأذية الذين اتبعوه وفتنتهم عن الإسلام بالإكراه والإغراء وهو موقف زعماء المشركين أو معظمهم في العهد المكي. أما الذين لم يكن منهم مثل هذا الموقف العدواني والذين يقفون من الإسلام والمسلمين موقف الموادة والمسالمة والحياد فلا يصح ذلك القول بالنسبة إليهم على ما سوف نشرحه في مناسبات آتية أكثر ملاءمة والله أعلم.
[تعليق على تبدل نواميس الكون عند قيام الساعة]
وبمناسبة ما ورد في الآية الأخيرة من رجفان الأرض والجبال يوم القيامة وصيرورتها كثيبا مهيلا نقول: إن الإشارة إلى تبدل مشاهد الكون ونواميسه يوم القيامة قد تكررت في القرآن كثيرا. وأكثر هذا التبدل في المشاهد التي تملأ عظمتها وروعتها نفوس الناس، على مختلف طبقاتهم، هيبة ورهبة، كالأرض والجبال والسماء والشمس والقمر والنجوم والبحار كما في مطالع سور التكوير والانفطار والانشقاق. وقد تنوعت أساليب وصف هذا التبدل وعباراته. فالأرض والجبال هنا ترجف، والجبال تصبح كثيبا ومهيلا. والأرض والجبال في سورة الحاقة تحمل وتدك دكة واحدة، والجبال في سورة طه تنسف ويصبح مكانها مستويا، وفي سورة النمل تسير سير السحاب وفي سورة النبأ تكون سرابا وفي سورة القارعة تكون كالعهن المنفوش. ومثل هذا التنوع وارد بالنسبة للبحار والنجوم والسماء والشمس والقمر أيضا.
والمتبادر أنه بالإضافة إلى ما في هذه الإشارات القرآنية من حقائق إيمانية غيبية عن تبدل نواميس الكون ومشاهده عند انتهاء الحياة الدنيا وبدء الحياة