احتوت الآيات تقريرات عن حقيقة موقف أكثر الناس من سامعي القرآن وهم الكفار وقد وجه الخطاب في الآيتين الأولى والثانية منها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمهما اشتد حرصه على هداية الناس فإن أكثرهم بعيد عن التصديق والإيمان، في حين أنه لا يطلب منهم أجرا ولا ينتظر لنفسه نفعا، وليست رسالته ودعوته إلا لخيرهم وتذكيرهم وإرشادهم ولخير العالمين جميعا وتذكيرهم. وغفلتهم ليست قاصرة على التصامم الذي يبدونه إزاء الدعوة النبوية ففي السموات والأرض كثير من الآيات والبراهين التي من شأنها أن تسترعي الأذهان وتنبه العقول وتوقظ الضمائر ومع ذلك فإنهم يمرون عليها غافلين غير آبهين ولا متذكرين. بل إن غفلتهم ليست قاصرة على هذا وذاك. فإنهم مع اعترافهم بالله وزعمهم أنهم يؤمنون به فإن قلوبهم غافلة عن مقتضيات هذا الإيمان بدليل أن تصرفهم هو تصرف المشركين حيث يشركون مع الله في عبادتهم واتجاههم شركاء غيره، وقد انتهت الآيات بالتساؤل الذي ينطوي على التقريع والإنذار، فهذا الموقف الذي يقفونه لا يقفه إلّا من أمن عذاب الله في الدنيا، أو مفاجأة الساعة الرهيبة التي يأتي عذاب الله الخالد بعدها، فهل أمنوا ذلك العذاب أو هذه المفاجأة حتى يقفوا هذا الموقف العجيب؟.
وواضح أن الآيات قد استهدفت تطمين النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته في موقفه إزاء وقوف أكثر العرب موقف التصامم من دعوته والانصراف عنها ومناوأتها، وتقريع الكفار وشرح مهمة النبي صلى الله عليه وسلم بجلاء وصراحة وهي الدعوة إلى الله دون انتظار أجر أو نفع.