القرآن بأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم كما جاء في سورة التين وبأن الله صور بني آدم على أحسن صورة كما جاء في آية سورة غافر [٢٠] وغيرها مما مر منه أمثلة عديدة. ومن هذه المظاهر ذكر القرآن أن الله قد سخر لهم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة كما جاء في آية سورة لقمان [٢٠] وآيات عديدة أخرى مرّت أمثلة منها. وإن الله قد اختصهم بالتكليف دون سائر خلقه كنتيجة لما شاءت حكمته من خلق الاستعداد فيهم للكمال الذهني والعقلي وتحمل مسؤولية أعمالهم كما هو المستفاد من آيات كثيرة جدا مرّت أمثلة منها وبخاصة من آيات سورة الأحزاب [٧٢- ٧٣] .
ولقد قال ابن كثير في سياق الآية إنه استدل بهذه الآية على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة، وأورد حديثا أخرجه الطبراني عن عبد الله بن عمرو قال «قال رسول الله ليس من شيء أكرم على الله يوم القيامة من ابن آدم. قيل يا رسول الله ولا الملائكة، قال ولا الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر» ، والحديث لم يرد في الصحاح.
ولكن فحواه متساوق مع الآية في مدى تقرير ما لبني آدم عند الله من كرامة ومتساوق مع آيات البقرة [٣٠- ٣٣] ومتساوق مع أمر ربهم للملائكة بالسجود لآدم تكريما له.
والمتبادر المستلهم من روح الآية ومقامها أنها بسبيل تقرير وإيجاب حق الإخلاص لله عزّ وجلّ وحده والاعتراف بفضله ونعمه ونبذ ما سواه في كل ظرف على بني آدم تجاه هذا الإيذان الرباني بتكريمهم وإيجاب العزوف عنهم عن كل ما يشين إنسانيتهم ويحط من كرامتهم التي حباهم الله بها في سلوكهم الخاص والعام.