النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بل قال له فيها اجلس. ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت الآية صعد على الصفا ونادى: يا بني فهر يا بني عدي- لبطون قريش- حتى اجتمعوا وأرسل الذي لم يستطع الحضور رسولا لينظر ما هو قائل لهم فقال لهم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقيّ؟ قالوا ما جرّبنا عليك كذبا، قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبّا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب بني عبد المطلب والعباس عمّه وصفية عمته وفاطمة ابنته وقال لهم لا أغني عنكم من الله شيئا..
ومهما يكن من أمر هذه الروايات فمما لا ريب فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نفذ أمر الله تعالى بوسيلة من الوسائل وأنه اختص في أحد مواقفه أقاربه الأدنين بالإنذار والدعوة.
وهذا يدل على أنهم أو جلّهم ظلّوا جاحدين لنبوته إلى أواسط العهد المكي، بل لقد تواترت الروايات على أن أكثرهم ظلوا كذلك طيلة العهد المكي وردحا غير قصير من العهد المدني أيضا بالرغم من نصرتهم له بدافع العصبية العائلية، ولقد مات عمّه وحاميه أبو طالب غير مؤمن، ولقد كان عمّه العباس وابن عمّه عقيل وآخرون من بني عمومته في جملة الذين اشتركوا في وقعة بدر مع مشركي قريش.
وهذا فضلا عن عمه أبي لهب الذي لم ينصره وكان من ألدّ أعدائه وأشدّ مكذّبيه.
ولعل موقف أقارب النبي صلى الله عليه وسلم الأدنين من دعوته كان يؤثّر تأثيرا سلبيّا على سير الدعوة حيث كان يجعل لسائر العرب مجالا للقول إن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان صادقا لآمن به أقرب الناس إليه وأخصهم به رحما فكان هذا يحزّ في نفسه ويثير فيه الألم والحسرة، فأمره الله تعالى بأن يختصهم بالدعوة في موقف خاص لإبراء ذمته منهم، وهوّن عليه أمرهم حيث وصّاه بأن يجعل اعتماده عليه وحده وأن يهتم للذين آمنوا وانضووا إليه.
[بناء الأخوة الدينية في الإسلام]
ومن الممكن أن يلمح في أمر الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم بمعالنة أقاربه البراءة من