القرآني في إيراد القصص على ما شرحناه في تفسير سورة القلم، فهي والحالة هذه متصلة بالآيات السابقة اتصال تعقيب واستطراد.
وباستثناء قصة فرعون فقد جاءت القصص الأخرى مفصلة بعض الشيء، وهذه أول مرة تأتي كذلك مما يمكن أن يدلّ على أن ظروف السيرة وحكمة التنزيل اقتضتا أن تأتي هنا مسهبة بعض الشيء بعد الإشارات الخاطفة التي ذكرت بها من قبل، وفي هذا مشهد من مشاهد تطور التنزيل كما هو المتبادر.
والبيان القصصي مفهوم وليس من حاجة إلى شرحه بأداء آخر، وأسلوب الآيات وصيغتها ومضمونها يؤيد ما قلناه من أن القصص القرآنية لم ترد لذاتها وإنما للعظة والتذكير واللازمة التي تكررت عقب كل مقطع وهي: فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (٣٩) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ تزيد ذلك توكيدا.
ولقد احتوت تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم من ناحية وتذكيرا وإنذارا للكفار من ناحية أخرى فإذا كان قومه قد كذبوه ونعتوه بالجنون والكذب والسحر وزجروه وتحدّوه فقد فعل الأقوام السابقون مثل ذلك مع أنبيائهم. ولقد نكّل الله بهم فمنهم من أغرقه بالطوفان ومنهم من أهلكه بالريح الصرصر. ومنهم من دمّره بالرجفة وخسف به الأرض ومنهم من أرسل عليه حاصبا. ومن الهيّن عليه أن ينكّل بهؤلاء كما نكّل بالسابقين إذا أصروا على مواقف التكذيب والعناد والمناوأة والصدّ.
والوصف الذي احتوته الآيات عن نكال الله للأقوام السابقة بسبب مواقفهم من أنبيائهم قوي مفزع. والمتبادر أنه استهدف فيما استهدفه إثارة الرعب في السامعين الكفار لحملهم على الارعواء.
[تعليق توضيحي على القصص الواردة في السلسلة]
والأنبياء وأقوامهم المذكورون في السلسلة ورد ذكرهم بإشارات مقتضبة في سور ق والنجم والمزمل والفجر والشمس. وأوردنا عنهم بعض التعريفات.