للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من شرح يؤيد هذا الترجيح والتوجيه إن شاء الله.

ولقد روى البغوي عن عطاء أن جملة لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [٤] تعني درجات الجنة يرتقونها بأعمالهم. وقد ساق المفسرون بعض الأحاديث عن منازل أهل الجنة ودرجاتها في سياق الجملة. والمتبادر أن الجملة هي بسبيل بيان مراتب المؤمنين العالية عند الله على سبيل الترغيب والتنويه وهو ما قرره غير واحد من المفسرين أيضا.

ولقد كانت جملة زادَتْهُمْ إِيماناً موضوع بحث كلامي فيما إذا كان الإيمان يزيد وينقص. ولقد بحثنا هذا الموضوع ومحّصناه في سياق جملة مماثلة في سورة المدثر فنكتفي بهذا التنبيه.

[تعليق على مدى أمر القرآن بإطاعة الله ورسوله في السور المدنية]

وبمناسبة الأمر بإطاعة الله ورسوله في الآية الأولى نقول إن مثل هذا الأمر قد تكرر كثيرا في السور المدينة دون السور المكية التي لم يرد فيها مثل هذا الأمر وإن أكثرها موجّه إلى المؤمنين. ومنها ما تكرر في هذه السورة مثل الآيات [٢٠ و ٤٧] وفي بعضها جعل ذلك دليلا على الإيمان. وفي بعضها جعلت طاعة الرسول من طاعة الله. وفي بعضها جعلت رحمة الله منوطة بذلك «١» .

والمتبادر أن حكمة التنزيل اقتضت ذلك في العهد المدني. لأن المؤمنين في العهد المكي كانوا قلّة مصفّاة مستغرقة في الله ورسوله ودينه. وكلهم دخلوا


(١) انظر آل عمران [٣٢ و ١٣٢] والنساء [١٣ و ٥١ و ٥٨ و ٦٨ و ٧٩] والمائدة [٩٥] والتوبة [٧٣] والنور [٥١ و ٥٢ و ٥٤ و ٥٦] والأحزاب [٣٣ و ٧١] ومحمد [٣٣] والفتح [١٦] والحجرات [١٤] والتغابن [١٢ و ١٦] . وفي السور المدنية آيات عديدة أخرى فيها توطيد لأوامر رسول الله وطاعتها بنصوص أخرى. وفي كل هذا ما فيه من دلائل على ما أعاره القرآن لهذا الأمر وخطورته.

<<  <  ج: ص:  >  >>