وقد جاء في نظمه وسوره وآياته وقصصه وعظاته وتلقيناته وأمثاله وخطابه وحججه وجداله أسلوبا رائعا متميزا في ذلك كله بخصوصيات جعلته فذا بالنسبة لأسلوب الكتب السماوية السابقة، وبالنسبة لما هو مألوف من أساليب النظم والسبك والخطاب، ذا طابع خاص خالد مما لا يصح أن يقاس عليه أنواع الكلام وأساليب الكتب والتأليف ومما يصح أن يعد أسلوبا خاصا فيقال إن اللغة العربية نظم ونثر وقرآن كما قاله كبير من أدباء العربية الحديثين بقطع النظر عن الباعث عنده على هذا القول، ومما يصح أن يكون معينا لا ينضب في فنون النظم والسبك وسمو الطبقة.
٥- القرآن والبيئة والسيرة النبوية:
وعلى اعتباره أصدق مدونة دونت في عهد النبي، بل وأوحد مدونة من عهد النبي احتفظت بصورتها الأصلية دون تحوير وتعديل فقد جاء بما احتواه من معان وأساليب واصطلاحات ومفردات وتشبيهات واستعارات وفنون خطاب ولغة دليلا قويا رائعا على ما وصل إليه العرب الذين نزل بلسانهم في عهد نزوله من الدرجة الرفيعة في سلّم الفصاحة خاصة وما كانوا عليه من حضارة مادية وعقلية وثقافية بصورة عامة خلافا لما حلا لبعضهم أن يرويه ويقوله على ما ذكرناه في كتابنا «عصر النبي»«١» وعلى ما نبهنا عليه في مناسبات كثيرة من التفسير.
واحتوى بالإضافة إلى ذلك أولا أصدق الصور وأوثقها لبيئة النبي وعصره من النواحي الاقتصادية والمعاشية والجغرافية، وعمّا كان عليه أهلها من تقاليد وظروف وعادات دينية واجتماعية وأخلاقية وعقلية وثقافية واقتصادية اتصلت