. الآية معطوفة على ما سبقها وهي مماثلة له نظما بحيث يمكن القول إنها استمرار للسياق. والخطاب في شطرها الأول موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه تذكير له بما قاله الله له من أن ربّه أحاط بالناس. وفيه إخبار أيضا بأن الله تعالى قد جعل الرؤيا التي أراه إياها والشجرة الملعونة في القرآن فتنة واختبارا للناس. وكأنما أريد بذلك أن من لم يؤمن بخبر الرؤيا والشجرة الذي يخبر به النبي لا يؤمن بالآيات التي قد يظهرها الله تعالى على يده فلا يبقى لها محل ولا فائدة.
وبهذا التقرير المستلهم من روح الآية وفحواها تظهر الصلة الموضوعية أيضا بين الآيات السابقة وهذه الآية. وقد انتهت الآية بالتنديد بالكفار موضوع الكلام الذين يخوفهم الله فما يزدادون إلا طغيانا كبيرا.
ولقد روى الطبري عن الحسن وقتادة ومجاهد أن جملة أَحاطَ بِالنَّاسِ بمعنى منعهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عصمه منهم. وقد تبدو وجاهة هذا التأويل إزاء الفقرة الأخيرة من الآية التي تقرر أن الكفار لا يخافون بما يخوفهم الله به بل يزدادون طغيانا حيث يرد على البال أن الآية نزلت في ظرف اشتد فيه طغيانهم ومناوأتهم فاقتضت حكمة التنزيل تطمين النبي صلى الله عليه وسلم. ومثل هذا التطمين تكرر في آيات عديدة مكية ومدنية وظروف قد تكون مماثلة من ذلك آيات سورة الحجر هذه فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (٩٤) إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥) وآيات الصافات [١٧١- ١٧٥] وغافر [٥١] والذاريات [٤٩] والمائدة [٩٧] .
وتعبير وَإِذْ قُلْنا لَكَ يفيد أن ما احتوته الآية قد سبق الوحي به للنبي صلى الله عليه وسلم، فإمّا أن يكون أريد به بعض الآيات التي وردت في سور سابقة النزول فيها شيء من