توكيدا بأنهم لو عادوا إلى الدنيا كما طلبوا لعادوا إلى ما نهوا عنه وإنهم لكاذبون.
وينطوي في هذا تعليل لذلك بأنهم إنما كانوا يصدرون عن نية خبيثة وطوية فاسدة.
ولقد أوّل المؤولون الشطر الأول من هذه الآية بتأويلين أحدهما:«إنهم إنما قالوا ما حكته الآية الأولى عنهم لأنهم بدا لهم عاقبة وبال ما كانوا يخفونه من المساويء والمعاصي» . وثانيهما:«إنهم ظهر لهم مصداق ما كانوا مستيقنين منه من صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يدعو إليه ويبلغه ويبشر وينذر به والذي كانوا يجحدونه استكبارا وحسدا وغيظا» . وكلا التأويلين وارد. ولقد أشير إلى الأول في آية سورة السجدة [١٢] وآية سورة فاطر [٣٧] وأشير إلى الثاني في آية سورة ص [٧] وآيات سورة فاطر [٤٢ و ٤٣] وآية سورة الزخرف [٣١] .
وواضح أن الآيتين استهدفتا فيما استهدفتاه إنذار الكفار وإثارة الخوف في قلوبهم وتصوير ما استقر في نفوسهم من تعمد العناد والكفر وفقدهم الرغبة الصادقة في الإيمان والصلاح وفيهما تطمين وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أيضا بالإضافة إلى ما فيهما من مشهد أخروي يجب الإيمان به.
في الآية الأولى حكاية لما كان يقوله الكفار حيث كانوا يزعمون ويؤكدون أنه ليس من حياة وراء هذه الحياة، وأنهم لن يبعثوا بعد الموت. وفي الآية الثانية ردّ إنذاري موجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. أو إلى سامع القرآن إطلاقا، وهذا من أساليب الخطاب العربي بسبيل توكيد بعثهم وحكاية لما سوف يكون بينهم وبين الله تعالى إذ ذاك حيث يسألهم حينما يقفون أمامه أليس ما يرونه هو الحق الذي كانوا ينكرونه، فيجيبون بالإيجاب فيقول لهم إذا ذوقوا العذاب جزاء إنكارهم وكفرهم.
والآيتان معطوفتان كذلك على سابقاتهما واستمرار في السياق. وفيهما قصد الإنذار مع توكيد البعث والجزاء. وما جاء في الآيتين من أقوال الكفار قد تكرر الجزء الرابع من التفسير الحديث ٦