يطيعوا الله مالكها الأصلي فينفقوا في سبيله على كل ما أمرهم الإنفاق عليه من نصرة دينه ومساعدة المحتاجين من خلقه. وهو هنا قد يجعل ولي أمر المؤمنين والمحتاجين من المسلمين أقوى صوتا في مطالبة أصحاب الأموال بالإنفاق في سبيل الله والمحتاجين.
[استطراد إلى خبر فتح مكة وما جرى في سياقه من أحداث وما كان له من أثر]
والمناسبة سانحة للاستطراد إلى خبر فتح مكة فنقول إن هذا الفتح الذي تمّ بعد سنين من صلح الحديبية على جلالة شأنه وخطورته لم يرد فيه في القرآن إلا الإشارة الخاطفة التي تقرر أنه كان واقعا في الآية [١٠] من هذه السورة ومثلها وفي مداها في سورة النصر. ثم إشارة تدل على أن مكة قد دخلت في حوزة النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وسلطانهم في آية سورة التوبة هذه: وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ... [٣] .
وهذه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا ... [٢٨] . وكل ما يرد للبال في هذا الصدد أن حكمة التنزيل لم تر في هذا الفتح من مواضع العبرة والعظة والتعليم والتسكين والتنديد والتنويه ما يستلزم قرآنا وهي المواضع التي استهدفتها الفصول التي أشير فيها إلى وقائع الجهاد والفتح على ما شرحناه في سياق وقائع بدر وأحد والأحزاب والحديبية وبني قريظة وبني النضير في سور الأنفال وآل عمران والأحزاب والفتح والحشر.
وملخص ما ذكرته الروايات عن هذا الفتح «١» أنه قد تمّ في الثلث الأخير من شهر رمضان من السنة الهجرية الثامنة. وأن السبب المباشر له نقض قبيلة بني بكر
(١) انظر تفسير البغوي والطبرسي وابن كثير والخازن لسورة النصر وانظر سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٣- ١٦٧ وابن سعد ج ٣ ص ١٨١- ١٩٨ وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٣٢٣- ٣٤٤.