للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذ جعل النبي أمير المؤمنين مثل نفسه وجب ألا يدانيه أحد في الفضل والإيثار به، ومتى قيل إنه أدخل في المباهلة الحسن والحسين مع كونهما غير بالغين وغير مستحقين للثواب، وإن كانا مستحقين للثواب لم يكونا أفضل الصحابة قال لهم أصحابنا إن الحسن والحسين كانا بالغين مكلفين لأن البلوغ وكمال العقل لا يفتقران إلى شرط مخصوص، وقد تكلم عيسى في المهد بما دلّ على كونه مكلفا عاقلا، وقد ذكر الشيخ في سياق آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:

٣] ، أنه روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله أن الآية نزلت بعد أن نصب النبي عليا علما للأمة يوم غدير خم منصرفه من حجة الوداع، كما ذكر في سياق آية يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ [المائدة:

٦٧] ، أنه روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله أن الله لما أوحى إلى النبي أن يستخلف عليا كان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه فأنزل الله هذه الآية تشجيعا له ... والهوى الحزبي ظاهر البروز في ذلك كله.

- ٦- الولع بأسرار القرآن ورموزه ومنطوياته:

سادسا: إن بعض المفسرين والمشتغلين بالقرآن قد ولعوا بتخمين انطواء القرآن على أسرار ورموز، واستغرقوا في استقراء الحروف والكلمات والتراكيب القرآنية بقصد الكشف عن تلك الأسرار والرموز واتسع مجال التفريع والتكلف والإغراب في هذا المجال كثيرا.

ولعل أصل هذا الولع يرجع إلى بعض روايات في الحروف المتقطعة المنفردة التي جاءت في مطالع نحو ربع السور القرآنية مكية ومدنية. فمع أن القسم الأكبر من هذه المطالع قد أعقبه ذكر القرآن والكتاب وتنزيله وإحكامه وحكمته قسما أو بيانا أو تنويها أو تنبيها «١» ، ومع أن روحها تلهم أنها جاءت بسبيل التوكيد


(١) هي سورة القلم وق وص والأعراف ويس وطه والشعراء والنمل والقصص ويونس وهود ويوسف والحجر ولقمان وغافر وفصلت والشورى والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف وإبراهيم والسجدة والبقرة وآل عمران والرعد. أما السور التي مطلعها حروف متقطعة منفردة ولم تعقب بالإشارة إلى القرآن فهي سورة مريم والروم والعنكبوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>