والتنبيه واسترعاء الأسماع إلى القرآن وآياته وعبره وحكمته وإحكامه مما قرره غير واحد من أعلام علماء القرآن من ابن عباس فما بعد ومما تطمئن إليه النفوس ويتسق مع مهمة الذي أنزل عليه القرآن وخطاب القرآن لجميع الفئات وتوكيده أنه واضح مبين لا عوج فيه ولا أمت ولا تعقيد ولا اختلاف فقد روى في سياق البحث في الحروف المذكورة رواية مفادها أن اليهود جاؤوا إلى النبي فسألوه عما أوتيه من عمر الدنيا فقال لهم «ال م» فحسبوها فجاءت (٧١) في الحساب المعروف بالحساب الجمل والذي هو حساب يهودي يقوم على ترتيب الأحرف الهجائية العبرانية (اب ج د هـ وز إلى آخره) فقالوا ثم ماذا فقال لهم (ال م) ثانية ثم (ال م ص) إلى آخر السور فحسبوا حساب الحروف جميعها فبلغ سبعمئة وكسورا من السنين «١» فأقروا بالأمر تسليما بأن النبي قد بعث بين يدي الساعة. ومع أن هذه الرواية ليست موثقة ولا يثبت مضمونها ومداها على نقد وتمحيص من وجوه عديدة فقد تنوقلت واستفاضت في جملة ما تنوقل واستفاض في مختلف كتب التفسير والقرآن.
ومثل هذه الرواية أقوال مروية أخرى معزوة إلى بعض الصحابة والتابعين ومستفيضة في كتب التفسير وليست هي الأخرى موثقة أو من شأنها أن تثبت على نقد وتمحيص ذكر فيها أن هذه الحروف ترمز إلى بعض أسماء الله وأسماء النبي، وأنها تحتوي أسرار القرآن وسرّ اسم الله الأعظم. ومن هذه الروايات روايتان أوردهما الرازي في سياق تفسير أول البقرة إحداهما معزوة إلى أبي بكر جاء فيها أن لكل كتاب سرا وسرّ القرآن في أوائل سوره، وثانيتهما معزوة إلى علي بن أبي طالب جاء فيها أن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي.
وهناك روايات وأقوال شيعية المصدر جاء في بعضها أن الحروف تحتوي رموزا للنبي وعلي والحسن والحسين، وفي بعضها أن كل مطلع من المطالع المتقطعة
(١) حساب الحروف جميعها يتجاوز الثلاثة آلاف والمائتين!.