للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم والكفار حيث كانوا يستمعون إليه حينما يتلو القرآن فلا ينفذون إلى ما فيه من علوية وروحانية عنادا ومكابرة ولا يجدون ما يقولونه إلّا أنه أساطير الأولين وقصصهم وكتبهم.

وقد أورد المفسرون «١» في سياقها رواية جاء فيها أن أبا سفيان وأبا جهل والنضر بن الحارث وآخرين من زعماء المشركين كانوا يستمعون القرآن فقالوا للنضر: ما يقول محمد؟ قال: ما أدري إلّا أني أراه يحرّك لسانه ويقول أساطير الأولين مثل ما كنت أحدثكم، فقال أبو سفيان: إني أرى بعض ما يقول حقا، فقال أبو جهل: كلا، كلا إن الموت أهون علينا من أن نقرّ بذلك «٢» .

وضمير (منهم) وعطف الجملة على ما سبقها يدلان على أن الآية من سلسلة السياق. ولم تنزل لحدتها فصلا مستقلا، وهذا لا يمنع أن يكون قد حدث ما ذكرته الرواية فأشير إليه في الآية.

تعليق على جملة وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وجملة وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها

معترضة أو استطرادية. ويتبادر أنها بسبيل تصوير شدة مكابرتهم وعنادهم وإصرارهم على عدم الإيمان والتصديق مهما رأوا من آيات الله. وقد تكرر مثل هذا التعبير في مثل هذه المناسبة. ومن ذلك آيات سورة الإسراء [٤٥- ٤٦] التي مرّ تفسيرها وعلّقنا عليها بما فيه الكفاية وما قلناه هناك ينسحب على هذه الآية بما في ذلك ما لمحناه من قصد التسجيل لواقع الكفار حين نزولها. ويتبادر لنا أنه قصد بالعبارة هنا بخاصة تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وتهوين عناد الكفار ومواقفهم عليه. والأسلوب الاستطرادي مما يؤيد ذلك.


(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الخازن والبغوي والطبرسي. [.....]
(٢) انظر تفسير الطبري والبغوي والخازن وابن كثير لهذه الآيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>