أسلوب تحدّ ونفي معا. والمفسرون «١» يروون عن ابن عباس قولين في المقصود من جملة: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أحدهما أن الله عز وجل جمع المرسلين للنبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وأمره أن يسألهم ولكنه لم يشك ولم يسأل، وثانيهما أن الجملة عنت أهل الكتاب أو مؤمني أهل الكتاب، ومعظم المفسرين أخذوا بهذا القول وهو الأوجه. وفي القرآن آيات عديدة فيها أمر للنبي صلى الله عليه وسلم باستشهاد أهل الكتاب مما يدعم هذا القول. ومن ذلك آية سورة يونس هذه:
فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (٩٤) وفي سورة الأنبياء آية في نفس الصدد الذي جاءت فيه الآية وهي: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤) وجملة وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بمعنى كتب الأنبياء من قبلي أو أخبارهم.
تعليق على آية وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (٤٤)
وجملة وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (٤٤) تحتمل أن يكون معناها:
إنه لشرف لك ولقومك، أو: إنه لتذكير لك ولقومك وسوف تسألون عن موقفكم منه وجهدكم في سبيله، وأكثر الأقوال والروايات في جانب القول الأول، وهو ما يؤيده إشراك النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب.
وهي على هذا تتضمن معنى جليلا في صدد ما ناله النبي صلى الله عليه وسلم وقومه من كرامة وشرف بسبب الرسالة المحمدية سواء أكان تعبير وَلِقَوْمِكَ كناية عن العرب كما قال بعض المفسرين أم عن قبيلة قريش كما قال بعض آخر، وتعبير وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ (٤٤)
(١) انظر تفسير الآية في كتب تفسير الطبري وابن كثير والخازن والطبرسي والبغوي والزمخشري.