هذا تقرير كون الله تعالى قد تفضّل عليهم لما صبروا وغضب عليهم لما انحرفوا وبدّلوا ودعوة للمسلمين إلى الاعتبار بهم.
تعليق على جملة فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ
وهذه الجملة الواردة في الآية [١٤٠] تتحمل تعليقا وتنبيها كذلك. فالمتبادر الذي عليه جمهور المفسرين أن كلمة الْعالَمِينَ هنا تعني الزمن أو الظرف الذي خاطبهم موسى فيه بذلك في سياق تحذيرهم من الانحراف. وأن التفضيل هو ما كان من عناية الله تعالى بهم وإرساله موسى عليه السلام لهدايتهم وإنقاذهم.
وصيرورتهم بذلك أفضل من غيرهم الذين كانوا منحرفين عن طريق الحق والهدى.
ولقد انحرفوا بعد ذلك عن هذا الطريق ففقدوا هذه المزيّة التي كانت سبب تفضيلهم واستحقوا غضب الله ولعنته ونكاله على ما شرحناه في التعليق على آية وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا.
ونذكر في مناسبة الآية إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ في السلسلة أن مفسري الشيعة يشبهون الذين بايعوا أبا بكر رضي الله عنه في السقيفة بأصحاب العجل ويقولون إنهم سينالهم غضب الله بسبب افترائهم وافتئاتهم على حقّ علي في الإمامة كما وعد الله أصحاب العجل بمثل ذلك «١» والعياذ بالله من هذا الكفر البواح الذي يؤدي إليه الهوى الحزبي.