ولا يبعد أن يكون وقع على المشركين بلاء أخافهم وجعلهم يدعون الله وحده فلما انكشف عنهم عادوا إلى شركهم في ظروف نزول السورة فكانت مناسبة محكمة لهذه الآيات الاستطرادية. وبعد قليل من هذه الآيات تجيء آيات عن المطر وأثره وأثر انحباسه في الناس وخوفهم وبأسهم واستبشارهم فلعل البلاء هو انحباس المطر فدعوا الله ثم عادوا إلى شركهم أو قدموا القرابين إلى أوثانهم عند هطوله.
والراجح أن المعنى بالشرك هنا هم الملائكة. وروح الآية التالية تلهم ذلك.
فالعرب كانوا يرون بإشراك الملائكة مبررا من حيث اتصالهم بالله ومن حيث كونهم إنما يتخذونهم شفعاء لديه فطالبتهم الآية بالبرهان على ما يذهبون إليه من عقيدة باطلة.
وفي الآية الأخيرة تلقين جليل. فالإيمان يحدث في نفس صاحبه سكينة وطمأنينة ورضاء في حالتي السرّاء والضرّاء فلا تبطره النعمة ولا تؤيسه النقمة. وفي ذلك من القوّة الروحية ما فيه.
ولقد أورد ابن كثير في سياق الآيات حديثا وصفه بالصحيح «١» جاء فيه:
«عجبا للمؤمن، لا يقضي الله له قضاء إلّا كان خيرا له. إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرا له. وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرا له» . حيث ينطوي على تلقين نبويّ متساوق مع التلقين القرآني كما هو الشأن في مختلف الشؤون.