فهتف النبي صلى الله عليه وسلم: بل قل (لا إله إلا الله وحده نصر عبده وأعزّ جنده وهزم الأحزاب وحده) فقالها فرددها المسلمون. وقد مكث النبي وأصحابه ثلاثة أيام، ثم انصرفوا سالمين معافين. وتسمّى هذه الزيارة في كتب السيرة بعمرة القضاء «١» .
ويعلل التسمية ابن كثير قائلا إنها من القضية لأن مفاوض قريش في صلح الحديبية سمّى هذا الصلح قضية حيث قال للنبي حينما جاء ابنه المسلم لبحث القضية بيني وبينك وهذا أول ما أقاضيك عليه. ونحن نرجح مع ذلك أنها أريد بها القيام بالعمرة قضاء عن العمرة التي اعتزموها ثم لم يتمّوها بسبب ممانعة قريش فتأجلت للسنة القابلة حسب اتفاق الحديبية. والله أعلم.
ومما روي كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في سفرته هذه ميمونة بنت الحارث أخت زوجة عمّه العباس فزوجها له العباس وأصدقها عنه. وأن زعماء قريش أرسلوا إلى النبي بعد انقضاء الأيام الثلاثة المتفق عليها أن اخرج عنّا فقد انقضى أجلك. فقال لهم وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين ظهرانيكم وصنعت لكم طعاما فحضرتموه. فقالوا لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا. فخرج وانتظر زوجته الجديدة في سرف حتى تجهزت وخرجت إليه.