علقنا على خلقي الصبر والشكر في مناسبات سابقة فلا ضرورة للإعادة. غير أننا رأينا أن نورد حديثين أوردهما ابن كثير في سياق تفسير الآيات التي جاءت فيها هذه الصيغة، والحديثان متقاربان مع زيادة في أحدهما وهو الذي يرويه الإمام أحمد عن سعد بن أبي وقاص قال:«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبت من قضاء الله تعالى للمؤمن إن أصابه خير حمد ربه وشكر وإن أصابته مصيبة حمد ربه وصبر. وإن المؤمن ليؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى في امرأته» . وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة هذه الصيغة:«عجبا للمؤمن لا يقضي الله تعالى قضاء إلا كان خيرا له. إن أصابه سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له. وليس ذلك إلّا للمؤمن» . وينطوي في الحديثين توضيح نبوي للجملة القرآنية وحث للمسلمين على أن يكونوا من الأشداء في الصبر في الضراء الشكورين للسراء.
ومن تحصيل الحاصل أن نقول إن الحث على الصبر لا يشمل حثا ما للمؤمن على الصبر على ظلم أو عدوان وإنما الصبر المطلوب من المؤمن هو الصبر على المصائب والجوائح التي لا يكون فيها عدوان وبغي من أحد. وفي سورة الشورى وصف للمؤمنين بأنهم إذا وقع عليهم بغي انتصروا منه أي قاوموه وانتقموا من البغاة وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) .
وجملة «وليس ذلك إلّا للمؤمن» في آخر الحديث الثاني ذات مغزى عظيم، حيث انطوى فيها تقرير كون المؤمن يبتغي بصبره وشكره رضاء الله ويأمل فيه، فيكون له الرضاء والأجر الربانيان خلافا لغير المؤمن بالله فإنه نادرا ما تجعله أخلاقه يقابل المصائب بالصبر والنعم بالشكر. ولا يكون له مدد من إيمان يجعله يفعل ذلك أملا في رحمة الله ورضائه.
[تعليق على كلمة (سورة)]
هذا، وبمناسبة ورود كلمة (سورة) هنا لأول مرة نقول إن المفسرين قالوا إما