سبيل الله. قال ولا الجهاد في سبيل الله إلّا رجل يخرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء» . وحديثا آخر رواه الإمام أحمد عن ابن عمر قال:«قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما من أيام أعظم عند الله ولا أحبّ إليه العمل فيهنّ من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد» .
فإن صحّت الأحاديث فمن الحكمة الملموحة فيها توكيد فضل هذه الأيام والحثّ على التقرّب إلى الله فيها بالعبادة والذكر.
وهناك أحاديث نبوية وصحابية وتابعية في صدد مناسك الحج المتنوعة رأينا تأجيل إيرادها وشرحها إلى تفسير آيات الطواف والحج في سورة البقرة لأنها أكثر مناسبة.
[تعليق على موضوع النذر]
وبمناسبة الإشارة إلى وفاء الحجاج بنذورهم في الآية الأخيرة من هذه الآيات نقول: إن النذر عهد يقطعه الإنسان على نفسه بتقديم قربان ما للمعبود، أو فعل فعل ما يظنّ أنه يرضى به المعبود تقرّبا إليه واسترضاء له ورغبة في قضاء مطلب من دفع شرّ وضرّ وخطر أو جلب خير ونفع، أو تعبيرا عن الشكر إذا تحقق له مثل هذا الطلب. وقد اعتاد البشر ذلك منذ أقدم الأزمنة وعلى اختلاف بيئاتهم وعقائدهم. والآية التي نحن في صددها تدلّ على أن العرب في بيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم وعصره لم يخرجوا عن ذلك. وفي الكتب العربية روايات كثيرة تفيد هذا بالنسبة للعرب في غير بيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم وعصره كما كان شأن سائر البشر. وليست هذه الآية أولى الآيات التي ذكر فيها النذر، ففي سورة مريم آية فيها حكاية قول عيسى (عليه السلام) لأمه عقب ولادته وحينما خافت من عاقبة هذه الولادة وهي: فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦) . وقد رأينا أن التعليق على هذا الموضوع في مناسبة آية سورة الحجّ أكثر ملاءمة، لأن الآية قد تفيد أنها بسبيل حكاية ما كان يفعله العرب ثم المسلمون بعد البعثة من وفاء نذورهم.