أسلوب الآيتين الأوليين استرعائي إلى يوم القيامة للإنذار بهوله وشدته، وهو من أساليب النظم المتكرر في متون السور وفي مطالعها وتعبير وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ بسبيل تعظيم أمرها وهولها. والآيتان التاليتان لهما احتوتا وصفا لما يكون عليه الناس والجبال في هذا اليوم، بسبيل توكيد هوله وشدته أيضا. والآيات الأربع الأخيرة احتوت تصنيف الناس حسب أعمالهم حيث يكونون فريقين: فريقا موازينه ثقيلة، فمصيره الطمأنينة والعيش الرضي، وآخر خفيفة فمصيره أعماق النار الحامية.
وتشبيه الناس بالفراش المبثوث والجبال بالعهن المنفوش مستمد من مألوفات الناس ومدركاتهم، فالفراش دائم الاضطراب والتحويم والانتشار، وسيكون الناس كذلك يوم القيامة من شدة القلق والرعب، والجبال معروفة بصلابتها وصخورها ورسوخها في الأرض وارتفاعها في السماء. فأريد إفهام السامعين أن أشد ما يعرفونه صلابة ورسوخا يتفكك وينحل ويصبح كالعهن المنفوش رخاوة ولينا وخفة من شدة الهول وقد تنوع وصف حالة الجبال في يوم القيامة، ومرّ من ذلك مثال في سورة المزمل. وهذا التنوع قد يدل على ما قلناه من أن القصد بهذا الوصف وأمثاله توكيد هول يوم القيامة وشدته.
[تعليق على تعبير الموازين وثقلها وخفتها في الآخرة]
وبمناسبة ورود تعبير الموازين وثقلها وخفتها في الآخرة في هذه السورة لأول مرة نقول إن ذلك قد ورد في سور أخرى منها آيات سورة الأعراف هذه: