للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصالحين قبلكم وقربة لكم إلى ربّكم ومكفرة للسيّئات ومنهاة عن الإثم» «١» .

وأورد ابن كثير حديثا رواه ابن أبي حاتم عن أسماء بنت يزيد قالت: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جمع الله الأوّلين والآخرين يوم القيامة جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق، سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم ثم يرجع فينادي ليقم الذين تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ الآية فيقومون، وهم قليل» .

وينطوي في الأحاديث «٢» تلقينات وترغيبات وتبشيرات نبوية متساوقة مع ما في الآيات من ذلك.

[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٨ الى ٢٠]

أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)

. عبارة الآيات واضحة. وهي متصلة بالسياق. وقد جاءت بمثابة تعقيب على الآيات السابقة. وفيها مقايسة بين المؤمنين والفاسقين وبيان المصير الحقّ الذي يكون لكل منهم في الآخرة المتناسب مع عمل كل منهم، واستنكار لأي تسوية بين المؤمن الصالح والفاسق المتمرد. وفيها تدعيم قوي لما ذكرناه قبل في صدد نيل الناس في الآخرة ثوابهم وعقابهم وكونه جزاء عادلا لما قدموه في الدنيا واختاروه من طريق. والمتبادر أن تعبير كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها تعبير أسلوبي بقصد توكيد شدّة البلاء الذي سيصيب الكفار في الآخرة. واستهدفت فيما استهدفته إثارة الرعب في قلوب الكفار.

وقد روى المصحف الذي اعتمدناه أن الآيات [١٦- ٢٠] مدنية. وروى


(١) روى هذا الحديث الترمذي وأحمد والحاكم. وجاء في روايتهم في نهايته «وفي رواية ومطردة للداء عن الجسد» انظر التاج ج ١ ص ٢٩٢.
(٢) هناك أحاديث عديدة أخرى فاكتفينا بما أوردناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>