(٨) التحدث بنعمة الله كناية عن ذكر نعمة الله وشكر الله عليها وأداء الواجب على صاحبها نحو الله والناس.
جميع آيات السورة موجهة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومعانيها واضحة. وفي آياتها الخمس الأولى قسم رباني في معرض التوكيد والتطمين. وفي آياتها الثلاث الأخيرة تعليمه ما يجب عليه إزاء نعم الله من الشكر وإزاء اليتيم من الرعاية وإزاء السائل من كلمة الخير والمساعدة.
ومع احتمال انصراف الآية الرابعة إلى الحياة الأخروية فإن من المحتمل أيضا أن يكون قصد بها تطمين النبي صلّى الله عليه وسلّم وتبشيره بنجاح الدعوة، وبأن مستقبلها سيكون خيرا من بدئها وقد تساعد الآية الخامسة على تدعيم هذا التوجيه حيث تلهم أن ما احتوته من الوعد والبشرى بإعطاء الله له حتى يرضى هما بالنسبة لظروف الحياة الدنيا أقوى منهما بالنسبة للحياة الأخروية.
ومع أن الخطاب في الآيات موجه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فإن الأوامر الربانية الواردة في الآيات الثلاث الأخيرة متسقة مع المبادئ والأهداف التي احتواها القرآن منذ بدء تنزيله، وتلقينها شامل لجميع المؤمنين. ويلحظ أن الفصول القرآنية السابقة قد احتوت ما يماثل هذه الأوامر، وقد استمرت الفصول القرآنية على ذكرها مما له مغزى جليل ينطوي على عظمة أهداف الرسالة المحمدية في صدد البرّ بالفقراء والرأفة بالضعفاء والتحدث بنعمة الله قولا وفعلا. ويتبادر لنا أن هذا كان من الأسباب القوية التي جعلت أغنياء مكة وزعماءها يتحالفون ضدّ الدعوة ويشتدون في مناوأتها، ويستمرون في ذلك طيلة العهد المكي والشطر الأكبر من العهد المدني.
تعليق على روايات فتور الوحي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم
ولقد روى المفسرون أن هذه السورة نزلت بعد فترة من نزول الوحي على النبي صلّى الله عليه وسلّم والروايات متنوعة ومتعددة في ذلك. منها ما هو في مدة هذه الفترة حيث تتراوح حسب اختلاف الروايات بين يومين وبين ثلاث سنين. ومنها ما هو في أسبابها وأثرها حيث روي فيما روي أن السيدة خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها