هذه- على التقرير بأنه لم يكن هناك عربي في داخل الجزيرة وخارجها لا يفهم لغة القرآن أو يتكلم بلغة بينها وبين القرآن مغايرة كبيرة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا كان فيما نعتقد ممتدّا إلى ما قبل الإسلام بأمد ما، قد يختلف تقديره ومداه بالنسبة للأمكنة المختلفة التي كان ينتشر فيها العرب داخل الجزيرة وخارجها.
[عروبة النبي والقرآن لا تتعارضان مع عموم الرسالة المحمدية]
ومن تحصيل الحاصل أن نقول إن تقرير الآية [١٩٥] نزول القرآن بلسان عربي مبين ليس من شأنه أن يفسح مجالا لقول قائل غير مسلم إن الرسالة المحمدية خاصة بالعرب. فعروبة النبي صلى الله عليه وسلم وعروبة القوم الذين خوطبوا بالقرآن تقتضيان ذلك، وفي القرآن آيات كثيرة نزلت في مختلف أدوار التنزيل المكية والمدنية، ومنذ عهد مبكر من عهد النبوة تقرر عموم الرسالة المحمدية والتبليغ القرآني.
وقد أوردنا كثيرا منها في مناسبات سابقة. من ذلك آية سورة الأعراف هذه قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨) ومنها آية سورة الفرقان هذه تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً (١) وهنالك آيات كثيرة أخرى في سور عديدة مكية ومدنية من هذا الباب.
والآيتان وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (٢٠٩) وأمثالهما في القرآن مما كان موضع تشاد وجدل بين علماء الكلام حيث استدل المعتزلة بهما وبأمثالهما على أن الله سبحانه لا يفعل لعباده إلّا الأصلح أو أنه أوجب على نفسه ذلك أو أن ذلك واجب عليه وأنه لا يعذبهم ولا يثيبهم إلّا على أعمالهم وأن ذلك مقتضى العدل الواجب عليه وحيث أنكر الأشاعرة ذلك وقالوا