للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضوع سخرية الكفار واحتقارهم على ما حكته آيات عديدة مرّت أمثلة منها.

وبعض المفسرين «١» قالوا في صدد جملة قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا الشقاء الذي كتبه الله عليهم. وروح الآيات وفحواها لا تساعدان على هذا التأويل كما لا تساعد عليه التقريرات القرآنية المحكمة التي تتضمن أن الله هدى الناس إلى طريق الخير والشر وآتاهم قابلية التمييز والاختيار بينهما على ما شرحناه في مناسبات عديدة.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١١٢ الى ١١٦]

قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ (١١٣) قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤) أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (١١٥) فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ (١١٦)

. في الآيات استمرار في حكاية المحاورة المفروضة: فلسوف يسأل الله الكفار عن مقدار ما لبثوا في الدنيا فيجيبون أن ما لبثوه لم يكد يتجاوز يوما أو بعض يوم فيما يخيل إليهم وأن الأولى أن يسأل عن ذلك الموكلين بالعد والإحصاء. ولسوف يرد عليهم بأنهم لو عقلوا لعرفوا أنهم لم يلبثوا إلّا أمدا قصيرا حقّا. ولسوف يسألهم حينئذ عما كانوا يظنونه من ظنّ خاطئ بأنهم غير راجعين إليه ولا واقفين بين يديه. وبأن الله كان عابثا لا يستهدف غاية ولا حكمة من خلقهم في حين أن الله عز وجل تنزّه عن العبث وتعالى فهو الملك الحقّ الذي لا يقرر إلّا الحق ولا يفعل إلّا الحق ولا يتوخّى بفعله وقراراته إلّا الحق وهو ربّ العرش الكريم المتصرف المطلق في الكون.

والآيات استمرار في السياق والموضوع كما هو المتبادر. والمتبادر أن هذا القسم من المحاورة استهدف بيان تفاهة المدة التي يقضيها الكفار في الدنيا مغترين


(١) انظر تفسير البغوي والطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>