في السلسلة آيتان تبدوان من جهة غير متصلتين بموضوع السلسلة ومن جهة منسجمتين في نظمهما وهما الآيتان [١٤٦ و ١٤٧] ولقد روى المفسرون وقالوا إنهما تتمة لكلام الله تعالى لموسى عليه السلام كما رووا وقالوا إنهما خطاب لسامعي القرآن. والاحتمالان واردان وقد رجّح الطبري القول الثاني. وعلى هذا الترجيح تكونان استطراديتين ليكون فيهما بالمناسبة إنذار لسامعي القرآن. على أن إطلاق العبارة فيهما تجعل هذا الإنذار للسامعين واردا سواء أصحّ القول الثاني أم الأول.
والإنذار في الآيتين شديد عنيف للذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ويقفون مواقف الفساد والعناد والبغي والصدّ عن آيات الله. والذين يرون الحق واضحا فلا يعترفون به ويرون سبيل الرشد بيّنا فلا يسيرون فيه. ثم يسيرون في سبيل الغيّ والضلال عن علم وقصد. وإطلاق العبارة يجعل محتوى الآيتين شاملا لكل من يتّصف بهذه الصفات ويقف مثل هذا الموقف في كل ظرف ومكان وكونهم لا يمكن أن يكونوا موضع رضاء الله وتوفيقه. وبذلك تكونان مستمد تلقين بليغ مستمر المدى. ولقد تكررت الآيات المكيّة والمدنيّة في ذمّ المستكبرين والتنديد بهم على ما سوف يأتي بعد حيث ينطوي في هذا مظهر من مظاهر عناية حكمة التنزيل بتوكيد التنبيه على هذا الأمر بسبيل حمل المسلمين على تجنّب هذا الخلق المذموم.
وهناك أحاديث نبوية يتساوق تلقينها مع التلقين القرآني في صدد ذمّ الكبر والمستكبرين والتحذير من ذلك رأينا إيرادها في هذه المناسبة. منها حديث رواه الشيخان والترمذي عن حارثة بن وهب عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألا أخبركم بأهل الجنة. كلّ ضعيف متضاعف لو أقسم على الله لأبرّه. ألا أخبركم بأهل النار كلّ