العناد والمكابرة التي كان يقفها الظالمون البغاة، وهم أكثر العرب وزعماؤهم في الظرف الذي نزلت فيه الآية والذي يرجح أنه أوائل العهد المدني.
وفي كتب التفسير بيانات على هامش هذه القصة مروية عن علماء الأخبار من التابعين وتابعيهم مشوبة بالإغراب والخيال. وجاء فيها ما جاء أن اسم هذا الملك هو نمرود بن كنعان وأنه أول من تجبر وادعى الربوبية. وأنه أحضر سجينين محكومين بالإعدام فعفى عن أحدهما وأعدم الآخر وكان هذا تصديقا لما قاله إنه هو أيضا يحيي ويميت وأن هذا الملك هو الذي أمر بإلقاء إبراهيم في النار وأن الله سلط على جيشه بعوضا ستر السماء فأكل لحومهم وشرب دماءهم ثم سلط عليه بعوضة دخلت في منخره فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق ثم هلك.
وأنه بنى صرحا إلى السماء فدمره الله وأن هذا هو ما أشير إليه في آية النحل: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ [٢٦] .
وعلى كل حال فإن هذه البيانات قد تؤيد ما قلناه من أن هذه القصص كقصص إبراهيم (عليه السلام) الأخرى التي لم ترد في سفر التكوين ووردت في القرآن مما كان متداولا في البيئة العربية عن طريق اليهود على الأرجح فاقتضت حكمة التنزيل التذكير بها بالأسلوب الذي جاءت به تعقيبا على الآيات السابقة وللمقاصد التي نبهنا عليها والله تعالى أعلم.