ويلوح لنا أن الآية [٣٠] وهي تنبه إلى أن ما يصيب الناس من مصائب هو من كسب أيديهم قد قصدت تقرير ما هو متسق مع الواقع والحق والعقل وهو أن ما يصيب الناس في أغلب الأحيان من مصائب وبلاء وشرور وأضرار وأخطار إنما هو نتيجة لتصرفاتهم وأعمالهم، فليس لهم أن يوجهوا لومهم على ذلك إلى غيرهم.
ومن واجبهم أن يترووا في أعمالهم وتصرفاتهم ليتقوا تلك الأضرار والأخطار.
ومع ما قلناه أنه المتبادر اللائح من الآية [٣٠] فهناك أحاديث نبوية يرويها المفسرون في سياقها، منها حديث رواه البغوي بطرقه عن الحسن قال:«لما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمّد بيده ما من خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلّا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر» . وحديث رواه البغوي بطرقه أيضا عن أبي سخيلة قال:«قال علي بن أبي طالب: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله عزّ وجلّ حدّثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير» . قال وسأفسرها لك يا علي. «ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله عز وجل أكرم من أن يثني عليه العقوبة في الآخرة. وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه» .
ولسنا نرى في الحديثين نقضا لما تبادر لنا بل فيهما تدعيم له وإن كان فيهما بالإضافة إلى ذلك تبشير وتطمين للمسلمين يجعلانهم يتقبلون ما يقع عليهم بالرضاء والإذعان، وفي هذا ما فيه من تلقين جليل. ولقد أورد ابن كثير في سياقه أحاديث فيها تدعيم لهذا التلقين الإضافي. منها حديث رواه الإمام أحمد عن عائشة قالت:«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله تعالى بالحزن ليكفّرها» . وحديث رواه الإمام أحمد أيضا عن معاوية بن