٢- وتقريع في أسلوب السؤال الإنكاري يتضمن تقريرا بأنه ليس من أحد أشدّ ظلما ممن أنذره الله بآياته وذكره بها ثم أعرض وتصامم عنها.
٣- وتوكيد بأن الله منتقم حتما من المجرمين الذين لا تنفع فيهم الموعظة والإنذار.
والآيتان معطوفتان على سابقاتهما ومتصلتان بها سياقا وموضوعا كما هو واضح. وقد قال المفسرون إن العذاب الأدنى الذي أنذر به الكفار هو عذاب دنيوي. وهذا ما تلهمه العبارة أيضا. ولقد احتوت السورة السابقة إشارة إلى ما أصيب به الكفار من بلاء دنيوي وتأنيبا لهم على عدم اتعاظهم به وإنذارا ببلاء أشدّ، فجاءت الآيتان تؤكدان الإنذار والتأنيب.
ولقد تعددت الروايات التي يرويها المفسرون عن ابن عباس وبعض علماء التابعين في ماهية العذاب الأدنى «١» . منها أنه مصائب في الأموال والأنفس تصيبهم في الدنيا. ومنها أنه القتل بالسيف صبرا أو الجوع والقتل. ومنها أنه ما أصابهم في وقعة بدر. ومنها أنه الدخان والقحط قبل الهجرة أو بعدها. ومنها عذاب القبر.
ومنها أنه فتنة الدجال أو الدابة التي تخرج من الأرض في آخر الزمان. والقول الأخير غريب في مقامه لأن الإنذار للسامعين من الكفار والفاسقين. وقد يكون بعض هذه الأقوال تطبيقية بعد وقوع المصائب. ويكون في ذلك مصداق لوعيد الله وإنذاره. وعلى كل حال فالمتبادر أن الآيتين قد استهدفتا تكرار إنذار المشركين وزعمائهم من جهة وتطمين النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من جهة أخرى.
(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والطبرسي. وهناك حديث رواه مسلم عن أبي بن كعب قال: «في هذه الآية العذاب الأدنى مصائب الدنيا والروم والبطشة أو الدخان» انظر التاج ج ٤ ص ١٨٢.