ولقد روى البغوي في سياق الآية الثانية أن عائشة قالت:«إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح صلاة الليل بقوله اللهمّ ربّ جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» .
وأورد ابن كثير في سياقها حديثا رواه الإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال:
«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال اللهمّ فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إنّي أعهد إليك في هذه الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمّدا عبدك ورسولك فإنّك إن تكلني إلى نفسي تقرّبني من الشرّ وتباعدني من الخير وإنّي لا أثق إلّا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا توفّينيه يوم القيامة إنّك لا تخلف الميعاد إلّا قال الله عزّ وجلّ لملائكته يوم القيامة: إنّ عبدي قد عهد إليّ عهدا فأوفوه إيّاه فيدخله الله الجنة» . وحديثا آخر رواه الإمام أحمد عن أبي راشد الحبراني قال:«أتيت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما فقلت له حدّثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى بين يديّ صحيفة فقال: هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فيها فإذا فيها أنّ أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علّمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت فقال له: قل اللهمّ فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت ربّ كلّ شيء ومليكه أعوذ بك من شرّ نفسي وشرّ الشيطان وشركه أن أقترف على نفسي سوءا أو أجرّه إلى مسلم» حيث ينطوي في الأحاديث صورة من صور استلهام رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية في مناجاة ربّه في الليل وتعليمه مثل ذلك لأصحابه.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٤٧ الى ٤٨]
وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨)
. (١) ما لم يكونوا يحتسبون: ما لم يكن قد خطر ببالهم من هول وعذاب.