تعليق على الآية وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وما فيها من صور وتلقين
عبارة الآية واضحة. وقد تضمنت:
(١) حكاية لقول اليهود يد الله مغلولة سبحانه وتعالى.
(٢) وردا عنيفا عليهم: فهم المغلولة أيديهم الملعونون بما قالوا. وإن يديه لمبسوطتان ينفق كيف يشاء على من يشاء.
(٣) وتقريرا لما يحدثه فيهم ما ينزل الله على نبيه من آيات حيث يزيدهم كفرا وطغيانا وغيظا وسعيا في الأرض فسادا.
(٤) وتقريرا لما جازاهم الله وقابلهم على ذلك حيث ألقى بينهم العداوة والبغضاء وأطفأ نار الحرب كلما أوقدوها وأحبط كل كيد ومكر لهم. والله لا يحب المفسدين أمثالهم.
ولقد روى المفسرون أن الآية نزلت في يهودي اسمه فنحاص قال إن يد الله مغلولة بقصد الشكوى من ضيق حالة اليهود الاقتصادية بعد أن كانوا في بحبوحة وسعة.
والرواية لم ترد في الصحاح ومع احتمال صحتها فالذي يتبادر لنا أن الآية متصلة بالآيات السابقة سياقا وموضوعا وأنها احتوت الإشارة إلى هذا القول الصادر عن بعضهم والتذكير به في جملة الأخلاق التي اتصفوا بها وسوء الأدب الذي يصدر عنهم نحو الله ورسوله والمؤمنين ودينهم وصلاتهم في معرض التنديد والتحذير والنهي عن توليتهم. هذا مع التنبيه على أن نسبة القول في الآية لجميع اليهود تفيد أن القول المنسوب في الروايات إلى واحد منهم إنما كان تعبيرا عنهم جميعا. ومن هنا وجهت الحملة العنيفة عليهم جميعا.
ولقد قلنا قبل إن موضوع الكلام الأصلي في السياق السابق هم اليهود واستدللنا على ذلك من فحوى بعض الآيات فذكرهم صراحة في هذه الآية مؤيد لذلك تأييدا حاسما.